+012 345 6789
“إذا أردت لابنك أن ينشأ ويكبر ويصبح شخصا سويا على المستويين الجسدي والنفسي، فلا تحرص على سعادته طوال الوقت”. قد تبدو عبارة قاسيةً أو شديدة بعض الشيء، إلا أن الدراسات العلمية تفيد بأن حرص الوالدين على سعادة أبنائهم طوال الوقت تتسبب في تعرضهم لضغوط نفسية وكآبة حين يكبرون.
حتى يكبر أطفالك ويحتملون ما سيمرون به من مشكلات وتحديات على المستوى الشخصي، بالإضافة إلى ما يحدث في العالم من حروب ومجاعات من مشكلات، لا بد أن يجربوا الشعور بمجموعة واسعة من المشاعر التي لا تتوقف عند السعادة، فهم بحاجة لتجربة الحزن والخوف وخيبة الأمل.
موقع “إتش بي إس” التعليمي نشر دراسة شارك فيها 37 ألف شخص في العام 2014، توصلت إلى أن الأشخاص الذين يمرون بمشاعر مختلفة يتمتعون بصحة عقلية وبدنية أفضل، وتنخفض بينهم معدلات الاكتئاب، إلى جانب قدرتهم على التعامل مع مجموعة واسعة من المشاعر والظروف والمواقف.
فمن المهم مساعدة الأطفال على معرفة وتقدير السعادة عندما تكون موجودة، والتأقلم مع الأوضاع الصعبة في آنٍ معا.
وتقول عالمة النفس الدكتورة فانيسا لابوانت لموقع “فونتين مونتيسوري” التربوي إن المرور بمواقف غير سعيدة يسهم في نمو الأطفال اجتماعيا وعاطفيا، مشيرة إلى أن النمو الاجتماعي والعاطفي لا يمكن أن يدرّس، بل لا بد للمرء أن يجربه بنفسه.
ويكمن التحدي الذي يواجهه الآباء في مساعدة أطفالهم على المرور بالتجارب التي يحتاجون إليها حتى يبلغوا أقصى درجات النضج الاجتماعي والعاطفي، “وحتى يصبح الطفل إنسانا ذكيا عاطفيا، يحتاج إلى تجربة مجموعة كاملة من المشاعر الإنسانية وليس السعادة فقط”.
وبحسب لابوانت، فإن اهتمام الآباء المفرط بتلبية احتياجات أطفالهم يعلم الصغار أنهم مركز العالم، وأن على الجميع تحقيق مطالبهم، “وهذا غير صحي على الإطلاق”.
أما صحفية “واشنطن بوست” الأميركية، فنقلت بدورها عددا من الأبحاث التي توصلت إلى أن الأساليب النموذجية التي يتبعها الآباء في السعي وراء السعادة لا تفيد الأطفال على الإطلاق، بل تزيد من مشاكل القلق والصحة العقلية لدى الصغار والمراهقين بشكل مطرد، حتى قبل أن يشتبكوا معرفيا أو واقعيا مع الاضطرابات التي يشهدها العالم.
وبحسب الصحيفة، فإن التركيز على تعليم الأطفال الإيجابية بدلاً من مساعدتهم على تقبل المواقف الصعبة التي قد يتعرضون لها، يتسبب في افتقادهم المهارات اللازمة لإدارة هذه المشاعر عندما تصبح الحياة صعبة.
ولا يعني هذا أن السعادة سيئة أو أنه لا ينبغي البحث عن المتعة، لكن “السعادة القسرية” أو وضع السعادة بوصفها هدفا وحيدا في الحياة دون إحساس أعمق بالمعنى أو الغرض يمكن أن يحول المشاعر الإيجابية إلى أمرٍ ضار.
يذكر موقع “سيكولوجي توداي” أن المقصود في هذا السياق هو المرور بتجارب سلبية أو مشاعر غير سارة بشكل مؤقت، لا بشكل دائم أو لمدة طويلة، بحيث يكون الشعور بالغضب أو الإهمال أو الحزن أو الأذى أو عدم الراحة أو عدم الكفاءة أو الهزيمة أو الاضطراب مستمرا لمدة ساعة أو يوم أو أسبوع على أقصى تقديم. أما إذا تجاوزت هذه المدة، فقد تتسبب المشاعر السلبية في ضرر كبير.
ففي حال المرور بتجارب سلبية لمدة محدودة، يتحول الأمر إلى ما تشبه التجربة التعليمية، التي يمكنها أن تجعل تجربة الأطفال للسعادة أكثر ثراء عند مقارنتها بما دونها من المشاعر.
في المقابل، فعلى الرغم من أن الحزن العرضي أمر صحي، فإن التعرض له لمدة طويلة قد يسبب الاكتئاب. ومن المهم التحدث مع طفلك إذا ظهرت عليه علامات الاكتئاب، وطلب مساعدة أخصائي نفسي لمعالجته.
قسم 2020
مدونة الطب والصحة
شاملة لكل معلومات الحمل والولادة وصحة المرأة وصحة الرجل وصحة العيون والسكري والتغذية والسرطان والعلاقات الزوجية
Copyright © CMS HTML Codex. All Rights Reserved
Template By CMS HTML Codex