غزة “المنيعة” زارها والد الرسول “محمد” وفيها

غزة “المنيعة” زارها والد الرسول “محمد” وفيها

غزة بناها الكنعانيون قبل 3500 عام، وسموها “هزاتي”، بحسب الوارد عنها في “مركز المعلومات الوطني الفلسطيني” المضيف أن الفراعنة لفظوا اسمها “غزاتو” ثم تغيّر مع الأشوريين واليونان إلى “أزاتي” وربما “فازا” فيما لفظه العبرانيون “عزة” والعرب “غزة” المرجح أن معناها “المنيعة”، وهي التي زارها والد الرسول محمد (عليه الصلاة والسلام)، وفيها دفنوا جده الأكبر أيضا.

المدينة هي مسقط رأس الإمام الشافعي، ففيها ولد بالعام الذي توفي فيه الإمام أبوحنيفة في بغداد، أي 767 المصادف 150 هجرية. كما فيها، وبعسقلان القريبة منها 25 كيلومتراً، أمضى أول عامين من طفولته، وبعدها هاجر مع والدته إلى مكة، وينقلون عنه بيتين من الشعر قالهما فيها شوقاً إليها:

وإني لمشتاق إلى أرض غـزة… وإن خانني بعد التـفـرّق كتماني
سقـى اللـه أرضاً لـو ظفرت بتربـهـا… كحلتُ به مـن شدة الشوق أجفانـي

زارها ابن بطوطة وكتب عنها

كما زار غزة الرحالة الشهير ابن بطوطة لأيام عدة بعد أن خرج في 1355 من مدينة الصالحية في شمال مصر، فكتب يقول: “سرنا حتى وصلنا إلى مدينة غزة، وهي أول بلاد الشام مما يلي مصر. متسعة الأقطار، كثيرة العمارة حسنة الأسواق، بها المساجد العديدة والأسوار عليها، وكان بها جامع حسن، وهو المسجد الذي تقام الآن به الجمعة فيها، بناه الأمير المعظم الجاولي. وهو أنيق البناء، محكم الصنعة، ومنبره من الرخام الأبيض”، وفق تعبيره بكتابه الشهير “تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار” المتضمن وصفاً لرحلاته.

أقدم صورتين تم التقاطهما في 1898 محفوظتان في مكتبة الكونغرس الأميركي

وللعرب، الذين فتح عمرو بن العاص غزة لهم زمن خلافة أبي بكر الصديق، ارتباط وثيق بالمدينة قبل الإسلام وبعده، فقد كانوا يفدون إليها في تجارتهم وأسفارهم، لأنها باب لطرق تجارية، وهدف لإحدى رحلتين شهيرتين ورد ذكرهما في “سورة قريش” بالقرآن، وهما رحلة القرشيين التجار شتاء إلى اليمن، وصيفاً إلى غزة ومشارف الشام: “ِلإِيلَافِ قُرَيْشٍ. إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ. فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ. الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآَمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ”. وحين عاد من غزة اضطره المرض للبقاء في يثرب.

وفي إحدى رحلات الصيف إلى غزة توفي هاشم بن عبد مناف، الجد الأكبر للنبي (عليه الصلاة والسلام)، وهو من ينتسب إليه الهاشميون، فدفنوه فيها، وضريحه للآن في “جامع السيد هاشم” الذي بناه المماليك بحي “الدرج” في المدينة، وجدده في 1850 السلطان العثماني عبدالحميد، لذلك يسمونها “غزة هاشم” أحياناً.

سفر الشتاء ورحلة الأصياف

وكان ابن إسحق، الكاتب الأول لسيرة الرسول، ذكر فيها أن الاسم الجد الأول لهاشم عبد مناف كان عمرو، وإن تسميته هاشم كانت لهشمه الخبز لعمل الثريد في مكة لقومه سنة المجاعة، وهو ما عناه الشاعر “مطرود بن كعب الخزامي” في بيتين من الشعر:

عمرو الذي هشم الثريد لقومه… قـوم بمكـة مسنتين عجــــاف
سنت إليـه الرحلتــان كلاهمـا… سفر الشتاء ورحلة الأصياف

ونجد عن غزة في تاريخها القديم، أن عبدالله بن عبدالمطلب، والد الرسول (عليه الصلاة والسلام)، خرج إليها وهو ابن 25 سنة، في قافلة لقريش تحمل تجارتها إلى الشام وفلسطين ذلك الزمان، فمرت القافلة حين عودتها منها بمدينة يثرب، وفيها ألم به مرض اضطره للبقاء بالمدينة عند أخواله بني عدي بن النجار، فبقي عندهم شهراً، فيما كانت زوجته آمنة بنت وهب، الحامل منه في شهرها الثاني بابنهما الوحيد، تنتظر عودته إلى مكة.

أما أصحابه فتابعوا رحلتهم، ولما وصلوا إلى مكة سألهم عبدالمطلب، جد الرسول، عن ابنه عبدالله، فقالوا: “خلفناه عند أخواله لمرضه” فبعث إليه الحارث، أكبر أولاده، فوجده توفي ودفن في دار النابغة، فرجع إلى أبيه وأخبره بوفاته، وبعدها بنهاية أشهر الحمل ولد من صلبه الرسول الأعظم، خاتم الأنبياء.